الفأرة: صوت من عمق قلب محمود تيمور
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الفأرة: صوت من عمق قلب محمود تيمور
إن "الفأرة" من أعمال محمود تيمور الذي يعبتر من رواد الفن القصصي العربي. يحكي محمود في هذه القصة القصيرة حياة فتاة مسكينة يتيمة تعمل خادمة لعجوز حيزبون حامضة الطبع، وتصادقت مع فأرة كان تعيش في ركن غرفتها معتقدة أنهما متشابهتان في زوايا كثيرة. فآنست اليتيمة والفأرة بعضهما بعضا حتي وقعت الحادثة عليهما.
أعتقد أن هذه القصة هي مرآة للكاتب إلي حد ما، فيمكن أن نري فيها بعض شخصيات الكاتب وأحواله النفسية والخ، إضافة إلي محتويات القصة. وإنها تعكس أحوال حتاة الكاتب.
ولد محمود تيمور في أحد الأحياء المصرية القديمة ونشأ في أسرة عريقة علي قدر كبير من العلم والثراء، كان أبوه أحمد تيمور أديب ومفكر مشهور أيضا، مما تأثر محمود تأثرا عميقا من بيئته العائلية الجيدة وأصدر منها غرمه وعشقه للأدب وذوقه السامي. وكان في حي محمود الناس من شتي الطبقات الشعبية، حيث تعايش مع الناس المختلفون. فإختزنت ذاكرته العديد من الحياة الشعبية والشخصيات الحية التي وقعت عيناه عليها، وأعاد رسمها وعبر عنها بعد ذلك في أعماله الأدبية. وها هو السبب لتصويره الحي للموصوف والبعد عن التكلف في قصته هذه أيضا. لا سيما الوصف للفتاة المسكينة، من ملابسها ومظهرها إلي تصرفاتها، كأنّ الكاتب ذاته هو يعيش عيشة الفتاة في الحقيقة. وأظن أن العلاقة بين الفتاة والفأرة التي وصفها الكاتب طوال القصة هي أنور نقطة فيها، لأنها ما قدم لنا صورة حية لكلتي الفتاة اليتيمة المسكينة والفأرة فحسب، بل رسم علاقة عجماء بين بشر وحيوان بنجاح، كأن كلتيهما تعيشان في صميم قلب الكاتب معبرتين عن الأقوال من عمق باله باستمرار.
صبغت حياة محمود تيمور بحالة من الحزن والتشاؤم رغم أحوال أسرته الرغيدة. فأصيب بالتيفود وهو دون عن العشرين من العمر؛ ولقي أخوه المحترم عليه حتفه وهم ما زال صبيا. فلم يستطع الخروج من المآسي المتتالية إلا بصعوبة. ووطأت الخبرة المحزنة تأثيرات سلبية في قلبه. وفي هذه القصة، خاصة في المشاهد التي يجري بين الفتاة والفأرة، لا يوجد كثير من الكلام والحوار، وتسير القصة بصورة هادئة، مما تزيد الجو الكئيب فيها. وإنه يعكس شعور الوحدة والتشاؤم في قلب الكاتب، علي ما أعتقد. في رأيي أن محمود تيمور كان يعيش في حالة بائسة. رغم أن ظروف أسرته كانت جيدة، غير أنه يواجهه مآسٍ لم يقابلها الفتي في نفس عمره ولم يخطر بباله أبدا. وكذلك من الصعب أن يجد محمود صديقا في نفس عمره وله خبرة متشابهة ويمكنهما أن يتبادل المشاعر الحقيقي. فعندما وقعت الحوادث، لا يعرف المخرج. كان الحادثة الأولي هي إصابته بالتيفود. وإنقطعت دراسته للزراعة حينذاك. وبدأ يطالع أعمالا وفيرة عربية وأجنبية، فأغرم بالأدب. وانحرف عن الزراعة إلي الأدب. والمأساة الثانية هي وفاة أخو محمود تيمور. كان أخوه ماهر في إبداع الأدب، فإحترمه محمود تيمور وضرب أعماله علي غراره. فأكيد أن وفاة أخيه هي صدمة ثقيلة للغاية في عمر الصبي، ولا سبيل له إلا القيام بالإبداع الأدبي للخروج من الحزن الشديد. نمر بمسيرة محمود الذاتية، ولم نجد أي صديق وأهل حميم ليسمعه. نتيجة لذلك، يمكنه كان يشعر بوحدة شديدة طوال عمره. فننظر إلي الفتاة اليتيمة التي عاشت في عالم وشيك العجم، ألا تشبه أنها هي تعيش في قلب الكاتب المتوحد؟
في آخر المقالة، تسير القصة بالعكس التمام عما يجري في أولها، فيتحول الوضع من الهدوء إلي غاية الضجة. في هذه النقطة، أتخذه كصيحة الكاتب الصادرة من عمق قلبه. وإنفجر حزنه وبؤسه أخيرا. لكن لم يترك الكاتب نهاية واصحة لنا في القصة. فربما هو يريد ترك فضاء الخيال للقراء، أو ربما هو لا يعرف نهاية مناسبة بالطبع لها، فلم يكتب أي نهاية. أظن أنه يعكس حيرة الكاتب هنا مرة أخري. إن الكاتب لا يعرف المستقبل، لا للفتاة اليتيمة، لا لنفسه أيضا.
هذه القصة هي قصة من قلب محمود تيمور، والفتاة اليتيمة هو جنة في عمق قلبه. حكي محمود تيمور قصة الفتاة، بل الفتاة، فهي حكت الأقوال من عمق قلب محمود تيمور.
كرار الحجامي- مراقب عام
- عدد المساهمات : 446
تاريخ التسجيل : 04/07/2009
العمر : 35
الموقع : العراق
رد: الفأرة: صوت من عمق قلب محمود تيمور
يسلموووووووووووووو الف شكر روعة وربي :&**&^:
احمد السجادي- المــؤسس للمـنتديـات
(المدير العام) - عدد المساهمات : 530
تاريخ التسجيل : 10/05/2009
العمر : 36
الموقع : العراق
بطاقة الشخصية
نقاط التميز :
(10/10)
رد: الفأرة: صوت من عمق قلب محمود تيمور
شكرآ على المرور
كرار الحجامي- مراقب عام
- عدد المساهمات : 446
تاريخ التسجيل : 04/07/2009
العمر : 35
الموقع : العراق
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى