مقالات الحسيني:حرية الجاهل الشخصية
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
مقالات الحسيني:حرية الجاهل الشخصية
بسم الله الرحمن الرحيم
حرية الجاهل الشخصية
بسم رب العزة و الجلال بسم الواحد القهار بسم رب الليل و النهار بسم الغفور الجبار بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة الدائمة التامة بمعانيها السامية على خير الجن و الأنس المصطفى بن عبد الله، محمد و على العترة الطاهرة من أهل بيته الميامين علي و فاطمة و الحسنين و التسعة المعصومين حجج الله في أرضه، و رحمة من رب العالمين الى خير أمة أخرجت للناس، صلاة دائمة لا انقطاع لها و لا نهاية لأمدها حتى ظهور الحجة القائم، المهدي أحمد بن الحسن أمام الأولين و الآخرين و حتى قيام يوم الدين الذي لا ريب فيه و لا تأويل، أما بعد:
سادت على المنطق و اللفظ عبارات متشعبة المعنى في زمن نحن نعيشه لا غيرنا!!؟ و يتناقله أجيالنا من الأبناء و الأحفاد، فإذا ما كان هذا المعنى مغلوطاً بحد ذاته و تناقله الأجيال من جيل إلى جيل بصيغته المطروحة - مع بعض التطورات مع ما يناسب زمانهم - فهناك يكمن الخطر الصامت الذي يسّير الجيل و يوجهه نحو الانحطاط سواء كان الديني أو الأخلاقي، لذلك علينا أن نضع أو نصنع حداً و حداً منيعاً ضد هذا الخطر، لذلك قررنا مناقشة بعض الأمور مع بعض الأصدقاء و من ضمن هذه الأمور عبارة أو جملة كانت قد طرحها أحد الزملاء عن طريق الصدفة العابرة حين قال آخر (لزميلنا ، صاحب العبارة) ( لماذا ترمي النفايات في منتصف الشارع، الطريق) فكانت إجابة زميلنا موخزة بعض الشيء لي و للزملاء الآخرين المتواجدين و الموجودين في المكان، حين قال مجيباً: (و ما بالك .. هي حريتي الشخصية!!؟) لكن الألطف و الأدهى من ذلك هو مرور طفل صغير أثناء حدوث الملاسنة الكلامية لا يتجاوز العشر سنوات، و كان يحمل بيده قنينة عصير، و الظاهر من ردة فعل الطفل أنه سمع السائل و المجيب مما قاله زميلنا و سائلوه، و لم نكن نتوقع ما قد حصل فعلاً حيث تصرف الطفل بسرعة فائقة و رمى قنينة عصيره على صاحبنا (زميلنا)، و الناتج من ذلك إن ملابس صاحبنا قد ابتلت و أصبحت يرثى لها، و في هذا الأثناء غضب صاحبنا و أحمرت وجنتاه خجلاً و بزغت عيناه وجلاً و شد على الطفل ليضربه، و عند هذا الحال تمسكنا به أنا و أحد الأصدقاء .. و سئلنا الطفل عن السبب الذي دفعه للقيام بمثل هذا الفعل، عندها أجابنا بالعبارة أو الجملة السحرية (و ما بالكم .. هي حريتي الشخصية!!؟).
فانبهر صاحبنا و تعجب، ثم هز رأسه مستهزئاً و قال: (ماذا تعرف عن الحرية أيها الجاهل؟)!!!؟؟؟
هنا بدأ الجدل المروع بين الطفل و صاحبنا (نقاش بين صاحب العشر سنوات و زميلنا صاحب الخبرات)، أجاب الطفل بكل هدوء و برود أعصاب أنا ليس جاهلاً و لكنني رأيت من يسمى بالمثقف!! يرمي النفايات على الطريق العام الذي هو ملك الجميع .. فتعلمت منه و رميت قنينة عصيري على ملابسه لكي تتطابق أفعالنا و تختلف نتائجها بشيء قليل، فإن كان عملك يمثل حريتك الشخصية فإن عملي يمثل حريتي الشخصية أيضاً، و أضاف: لعلمكم أنا آذيت بحريتي - التي تعلمتها من صاحبكم - شخصاً واحداً و هو من علمني استخدام الحرية بتصرفه الطائش،أما صاحبكم بحريته الممسوخة قد اعتدى على الحق العام - على حقي و حقكم و حق كل من له الحق في السير على هذا الطريق - و في هذه الأثناء أنصرف الطفل و كأن شيءٍ لم يكن.
بينما بقي صاحبنا على صمته بدون أي تعليق، و هنا تبين لي و للمجموعة أن الطفل كان يعي ما فعله و كل ما فعله كان القصد من ورائه هو أن يقول لصاحبنا الجواب السحري لجملته السحرية و الذي هو (إنك مخطئ) (لاحظ فطنة و ذكاء الطفل وهفوة و غباء الرجل - صاحبنا) و لكن هل يأخذ صاحبنا العبرة.
في الحقيقة لم تكن القصة السابقة قصة حقيقية و لم أكن أنا الشخص الراوي لها و لكنني ألفتها من بنات أفكاري لكي تتطابق مع ما هو سائد، و لأنها طريقة سهلة لإيصال الفكرة عن سوء استخدام الحرية الشخصية، لأنه لو تكلمنا و تحدثنا عما يجول في خواطر الكتب و بواطنها عن الحرية الشخصية سوف يطول الشرح و يقصر الزمن (الوقت) و ربما ينفذ الأخير و الفكرة ما زالت فكرة و لكن إذا نوقشت الفكرة على طاولة الحوار و دونت مع بعض الشواهد و الشهود، سوف نكون قد أدينا الواجب على أتم وجه، و هنا أعود من حيث بدأت عن العبارات المتشعبة و أود أن أربط معها مصطلح (الكيل بمكيالين) أي مكيال الثقافة المفقودة و مكيال الثقافة الموجودة قبل أن نتوسع في الموضوع.
يسأل سائل بعض الأحيان و ربما إن هذا السائل ليس جاهلاً و لا متعلماً بالمعنى الكامل و أنما حظي ببعض التعليم كأن يكون درس في محو الأمية أو درس في الدراسة الابتدائية و ترك بعدها التعلم، و يكون سؤاله عن معنى الحرية الشخصية .. و إلية الجواب قدر ما نستطيع تقديمه و قدر ما يتقبله عقله عسى أن نضيف له وللآخرين شيء من التوعية والتثقيف حول سؤاله وينفع هو بدوره آخرين. الحرية بمفهومها العام هو أن تفعل ما هو مباح لك فعله بشرط أن لا يكون فيه للغير ضرر، و تترك عمل ما هو ممنوع عليك عمله لأنه بالتأكيد لم يمنع إلا لأنه يسبب ضرر لك أو لغيرك.
*و هنا أود الإيضاح الى أنه قد تختلف المصطلحات التي تستخدم في بيان منهاج الحرية الصحيح بصورة عامة عن المصطلحات التي تقابلها في علوم الدين، و من أمثلتها: (حلال) في المصطلحات الدينية تقابلها (مسموح) بالمصطلحات العامة، و(حرام) في المصطلحات الدينية تقابلها (ممنوع) بالمصطلحات العامة، و لكن هناك مصطلحات في الحقيقة تشترك فيها المصطلحات الدينية مع المصطلحات العامة و التي منها مصطلح (مباح) و هذا للإيضاح فقط.
أما الحرية بمفهومها الخاص فهو أن تقوم بواجباتك بالصورة الصحيحة و بدون أي تردد و تقوم بما عليك بالطريقة المطلوبة، و تأخذ ما لك و تطالب بأن يؤدى لك بالصورة المطلوبة أيضاً أي عليك واجب تؤديه و لك حق تحصل عليه بدون أي مضايقات أو تحريفات في منطلق الواجبات و المستحقات و التفريق بين النظراء في المهنة أو العمل سواء من حيث نسبة الواجب أو المقابل المدفوع و المقرر لمثل هذا الواجب.
و تفصل الحريات الى عدة أقسام و لكل قسم منها ضوابطه الخاصة و سنذكر بعضها بصورة عامة، فمن الحريات و الحقوق العامة أنه لك الحق بامتلاك دار مثلاً و تتزوج ممن تشاء و تربي أبناءك بنفسك و تبيع لمن تشاء و تشتري ممن تشاء و الى آخره.
أما الحريات الدينية فلك الحق بأن تكون على دين معين و مذهب معين و أن يكون لك معتقد معين و الى آخره، لا أريد أن أخوض في التفاصيل أكثر لأنني قلت سابقاً و أكرر هنا أنه لا يمكننا سردها و شرحها و تفصيلها بصفحة أو أثنين أو عشرة و إنما تحتاج الى كتب .. بل مجلدات، و هنا تجدر الإشارة الى كيفية استخدام الحريات و الحقوق بالصورة الصحيحة و التي أظن أننا أشرنا إليها بمجرد أننا أعطيناها تعريفها أو مفهومها، و لكن السؤال الذي يطرح نفسه: ما السبب وراء سوء استخدام الآخرين لها (أقصد الحرية) بداعي (الشخصية)؟
السبب: (و حسب رأي الخاص) هو الشخص ذو النفوذ و المثقف في ذات الوقت، و لكن ليس النفوذ و الثقافة هي السبب بحد ذاتها هي السبب، و إنما الضمير الميت و ما يفعله بالإنسان عندما تكون الثقافة معدومة بالنسبة لموضوع معين أي ممكن أن يكون الشخص مثقف ثقافة طبية أو هندسية أي مثقف ثقافة علمية و لكنه جاهل لأمور التاريخ و الاجتماع، و هذا يعني أنه غير مثقف أدبيا (أي من حيث تقسيم الدراسة الى الأدبي و العلمي)، و هنا يكون المعنى واضح عندما أقول أن الشخص المقصود (الجاهل بالحرية) ربما يكون مثقف علمياً أو أدبياً و لكنه غير مثقف بالنسبة للأقسام و الاتجاهات الأخرى.
فلو أرتاد الثقافة العامة أو ثقافة أساسية في الثقافة العامة مثل (الثقافة الدينية) أي لو كان على علم بالأخيرة لعرف معنى الحريات الدينية و بالتالي لا يقع في الخطأ و لا يسيء استخدام الحرية، و لو كان مثلاً على علم (بالقانون و السياسة) لفهم بعض معاني الحريات العامة و الى أخره.
أذاً التخصص في ثقافة معينة و ترك الأخرى هو السبب، لذلك يجب علينا عندما نتخصص في أحدى العلوم أو الثقافات أن لا نهمل الثقافات العامة و نمر عليها كما يقال (ولو مرور الكرام).
و هنا يجب علينا أن ننتبه لسلوكنا و نوعي أنفسنا و نثقفها ثقافة عامة حتى نهدي للجيل الجديد (الأود و الأحفاد) ما يوجب عليهم الشكر و الثناء على سابقيهم، و لكن بالمقابل يجب أن لا ننتظر ذلك الشكر و الثناء فقد قال تعالى في كتابه الكريم :بسم الله الرحمن الرحيم (فمن يعمل منكم مثقال ذرة خيرٍ يره و من يعمل منكم مثقال ذرة شرٍ يره) صدق الله العلي العظيم،
و عندها نقوم بدحض المصطلحات المتشعبة بواسطة نشر الثقافة العامة و ذلك ابتداءاً بأنفسنا و من ثم أبناءنا و من ثم مجتمعنا و بالتالي سوف نمحي جيل صاحبنا (صاحب الجملة السحرية، المذكور بالقصة) و نخلق جيلاً جديداً واعي و فاهم لما يدور حوله عارفاً بواجباته و حقوقه و حقوق غيره عليه كمثل الطفل ذو العشر سنوات ( المذكور بالقصة)، و بالتالي ألغينا جملة (حرية الجاهل الشخصية) ووضعنا بدلاً عنها جملة التفقه العلمي و الثقافي (حرية المثقف عن وعي و فهم و دراية) و من هذا المنطلق تبنا البلدان و تحرر الأوطان و يطرد العدوان و الله من وراء القصد.
أخوكم
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
رد: مقالات الحسيني:حرية الجاهل الشخصية
يسلموا سيد حسام مقاله روعه
كرار الحجامي- مراقب عام
- عدد المساهمات : 446
تاريخ التسجيل : 04/07/2009
العمر : 35
الموقع : العراق
مواضيع مماثلة
» مقالات الحسيني:زمن النسيان
» مقالات الحسيني:أسمي و أفتخر
» مقالات الحسيني:سوية للنهوض
» مقالات الحسيني:رحلة بدون عودة
» مقالات الحسيني:أسمي و أفتخر
» مقالات الحسيني:سوية للنهوض
» مقالات الحسيني:رحلة بدون عودة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى